اليكم موضوع الامطار الحمضية
ظاهرة الأمطار الحمضية في العالم الصناعي وآثارها البيئية :
من الظاهر أننا لا نجد اليوم أحدا يمكن أن يشك بأهمية القضايا الايكولوجية للأرض. فهناك "الخرق" في طبقة الأوزون والتلوث بأنواعه من إشعاعي ونووي ومائي وضوضائي وغذائي من جهة، واندثار الغابات والزحف الصحراوي من جهة أخرى. إلا أن الهم الكبير لسكان الأرض هو مشكلة "الأمطار الحمضية" التي وصفها احد علماء البيئة بأنها كارثة تسير ببطء وتدمر بإصرار النباتات والبحيرات والأنهار وما تحتويه من خيرات، كما تسبب عمليات التآكل في المنشآت الحجرية والمعدنية. ولخطورة هذه المشكلة فقد قدرت خسائر ألمانيا الغربية- خلال عام واحد- حوالي 600 مليون دولار نتيجة إتلاف المحاصيل الزراعية، بسبب الأمطار الحمضية. وهناك دراسات أخرى كثيرة تبين الآثار السيئة للأمطار الحمضية.. التي نشرتها "جامي جيمس " في المجلة العلمية "ديسكفري" تحت عنوان "من الذي يستطيع منع المطر الحمضي؟
كما تبين في بحيرة موس الصافية، الواقعة غرب جبال "اديرونداك" المحاطة بأشجار عالية تمتد على شواطئها فتكسبها جمالا هادئا، أنّه لم توجد سمكة واحدة من اسماك السلمون المرقط تعلن عن نفسها، ولا ضفدع ينق على شواطئها، كما كان في الماضي، بينما كانت منذ سنوات قليلة غنية بالأسماك والضفادع، ولقد هجرها البط الغواص واختفى الطائر القناص الذي يغوص فيها بحثا عن الأسماك. كل هذا بسبب الأمطار الحمضية. وكتب الكيميائي البريطاني روبرت سميث تقريرا من 600 صفحة- ولأول مرة- عام 1872 أشار فيه إلى حموضة الأمطار الحمضية التي هطلت في عام 1872 على مدينة مانشستر، وعزا السبب إلى الدخان المتصاعد من مداخن المصانع. وفي حين لاحظ العالم السويدي "سفانت اودين" في عام 1967 أن الأمطار الحمضية الهاطلة في السويد، كانت حموضتها تزداد بمرور الزمن، وأطلق عليها تسمية "حرب الإنسان الكيميائية في الطبيعة"، وفيما بعد أظهرت الدراسات الحالية إن السبب الرئيسي في تكوين الأمطار الحمضية يعود إلى محطات إنتاج الكهرباء والمراكز الصناعية الضخمة، التي تنتشر في كثير من الدول التي تحرق كميات هائلة من الوقود وتدفع إلى الهواء يوميا بكميات متزايدة من الغازات مثل ثاني أكسيد الكبريت والهيدروجين وأكاسيد النيتروجين.
تكون الأمطار الحمضية:
تتكون الأمطار الحمضية من تفاعل الغازات المحتوية على الكبريت. وأهمها ثاني أكسيد الكبريت مع الأكسجين بوجود الأشعة فوق البنفسجية الصادرة عن الشمس، وينتج ثالث أكسيد الكبريت الذي يتحد بعد ذلك مع بخار الماء الموجود في الجو، ليعطي حمض الكبريت. الذي يبقى معلقا في الهواء على هيئة رذاذ دقيق تنقله الرياح من مكان لآخر، وقد يتحد مع بعض الغازات في الهواء مثل النشادر، وينتج في هذه الحالة مركب جديد هو كبريتات النشادر، أما عندما يكون الجو جافا، ولا تتوفر فرصة لسقوط الأمطار، فان رذاذ حمض الكبريت، ودقائق كبريتات النشادر يبقيان معلقين في الهواء الساكن، ويظهران على هيئة ضباب خفيف، لاسيما عندما تصبح الظروف مناسبة لسقوط الأمطار فإنهما يذوبان في ماء المطر، ويسقطان على سطح الأرض على هيئة مطر حمضي، هذا وتشترك أكاسيد النيتروجين مع أكاسيد الكبريت في تكوين الأمطار الحمضية حيث تتحول أكاسيد النيتروجين بوجود الأكسجين والأشعة فوق البنفسجية إلى حمض النيتروجين. ويبقى هذا الحمض معلقا في الهواء الساكن، وينزل مع مياه الأمطار، مثل حمض الكبريت مكونا الأمطار الحمضية. ولابد من إبداء الملاحظتين الآتيتين في هذا المجال:
الملاحظة الأولى: الغازات الملوثة تنتقل بواسطة التيارات الهوائية. تؤكد الدراسات في اسكندنافيا أن كمية غازات الكبريت على (2.0) مرة مما تطلقه مصانعها، وفي الوقت نفسه، لا تزيد كمية غازات الكبريت في أجواء بعض أقطار أوروبا الغربية، وخاصة المملكة المتحدة عن 10- 20%. وهذا يعني أن هذه الغازات الملوثة، تنتقل بواسطة التيارات الهـوائية من أوروبا الغربية إلى اسكندنافيا وانكلترا.
الملاحظة الثانية: الأمطار تزداد مع الزمن، كما جاء في كتاب "التلوث مشكلة العصر" تشير الدراسات إلى أن حموضة الأمطار التي سقطت فوق السويد عام 1982 كانت أعلى بعشر مرات من حموضة الأمطار التي سقطت عام 1969، حيث لاحظ الخبراء أن نسبة حموضة مياه الأمطار زادت بشكل منذر بالخطر، أما درجة حموضة الأمطار في بريطانيا فقد وصلت إلى 4.5 في عام 1979، ووصلت في نفس العام في كندا إلى 3.8 وفرجينيا إلى 1.5، حيث كانت درجة حموضة أمطار فرجينيا تقارب درجة حموضة حمض الكبريت (أسيد البطاريات) وفي اسكتلندا، وصلت إلى 2.7 عام 1977، ووصلت في لوس انجلوس إلى 3 عام 1980. أي أكثر حموضة من الخل وعصير الليمون، ولا يقتصر التوزع الجغرافي للأمطار على البلاد الصناعية، إذ يمكن أن تنتقل الغيوم لمسافات بعيدة عن مصادر التلوث الصناعي، فتهطل أمطارا حمضية على مناطق لا علاقة لها بمصدر التلوث. ولابد من الإشارة إلى أن درجة حموضة ماء المطر النقي هي بين 5.5 - 6 أي تميل إلى الحموضة قليلا، ولم يسجل أي تأثير سلبي لهذه النسبة، حصل خلال ملايين السنين، ويمكن اعتبار ماء المطر نقيا في حدود هذه الدرجة وغير ضار بالبيئة
[center]
---------------------------------------+++++++++++++++++++يتبع